الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

اعلام الانتقالي..والحجه سلوم

✒  أعلام الانتقالي..والحجه سلوم

-------------------------------------------------

يحكى في محافضة أب القديمه بأن هناك مقهوية وحيده تدعى (سلوم) لديها مطعم بمنزلهاتقلب به رزقها.

وفي ذات يوم قدم اليها (سالم) ومعه ثلاثة من قومه يطلبون الغذاء ..سالم رجل فكاهي ومهرج وصاحب مغالب لايقهر.

أمتنعت سلوم بان تعمل لهم الغذاء بحجة أن بينها وبين جارتها (فطّوم)ملاعنه (اي شتم وسباب ) ..وكانت الملاعنه تحصل في حواري المدينه تحديدا من على أ سطح المنازل  لاتفه الاسباب وتستمر احيانا ليوم اونصف يوم.

قال لها سالم الامر بسيط ..أنا ساقوم بالملاعنه بدلاً عنك  وأنتي صلحي لنا الغذاء.

قالت كيف..؟؟ فطلب منها عباءتها وعدتها النسائيه ومعاينة منزل جارتها .

صعد سالم السطح وكلما شاف فطوم تنظر اليه ارسل لها ملصق التواصل قديما ومايسمى (بالدُكع)..

وهو ان تضع الخصمه  ذراعها اليمنى مقبوضه وتضرب ساعدهاألأيمن بكف اليد اليسرى بشكل المدفع باتجاه الخصمه لافحامها او قهرها نيابة عن الكلام  حينما ينتهي السباب ويبلغ الصياح مبتغاه.

ضنّت فطوم بأن من يرسل الدُكع خصمتها فتعلي بالصياح بينما سالم ينزل مهرولاً من على السطوح دون ان يتفوه بكلمه..لكنه يرغبها بأهتمام وحين يلحظ  انخفاظ معدل صياحها يعاود الصعود مرة اخرى  ويرسل لها ملصق الدُكع فتغتاظ شططا بالصياح ..

فاستمر على هذا الحال الى ان أغمي عليها وسقطت ارضاًً من شدة القهر والغيظ.

ماعلينا..

قد يستغرب القارئ ما الأسباب التي دفعتني لورود مثل هذه القصه..أقولها صراحة اوردتها مرثياً لحال اعلام الأنتقالي الغارق في التخبط في  مواجهة اعلام خصومه فأصبح حاله أشبة بحال المهرج سالم مع المخاصمه فطوم.

من المتابعه للحال وعدم الرضى لحال اعلام الانتقالي المعتمد كلياً علئ وسائل التواصل تحديداً الفيس والوتس ينذر بالآسى والحزن للاسف الشديد.

فكلما رأوا الخصوم أعلام الانتقالي يعم وفي مواقعه الالكترونيه الهدؤ والسكينه والاستقرار ..سرّبوا لهم ملصق (الدُكع)حاملا اشاعه او كذبه او مقطع فيديوبقصدالأستفزاز وشل حركة جهودهم وحشرها بين الصد والرد. 

وسرعان ما نلبث  بأشتعال مواقعهم ..هذا ينفي ..وهذا يشتم والاخر يسب ..بينما الخصوم ملتزمين الصمت معللين على تصرفهم  بالضحك والسخريه.

وفي نهايةكل هذا الصياح والعويل لاأنهم  حققوا مبتغاهم في دحض الاشاعه ولا بأنهم وفّروا على انفسهم الجهد والوقت لتسخير الأمكانيه نحو الأفضل.

دعوتي لهم بمنشوري هذا.. البحث الجاد عن وسائل اعلاميه حقه يرأسها متخصصون تلقي بضلالها لأيصال رسالتهم الدفاعيه في مقارعة الاشاعه والدعايه والدجل والتضليل وصنوف الحرب النفسيه لردع أفك خصومهم من جانب  وملبية تطلعات مناصريهم من جانب آخر.

فموقع العشله نت ومتابعات ابو دجانه والامناء  لن ولن تكون أعلاماً رديفاً لتغريدات المسهور والشليمي وعبير الحاشدي..مالم فأن حالهم لايفرق عن حال سالم وفطّوم والحجه سلوم.

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019

يقولوا لي الهوى قسمه/تراث لحجي

يقولوا لي الهوى قسمة

كلمات: الأمير صالح مهدي العبدلي
لحن: الأمير محسن بن أحمد مهدي
غناء: مهدي درويش

يقولوا لي  الهوى قسمهْ   *   متى  كـان  الهوى  مقسومْ
يقضّي  العمر  في  نعمهْ   *   وانا اللي في الهوى مظلوم

                            *   *   *

تركني   ناعـم    المبسم   *   على  رفّ  الضنى  مرجوم
لغيري     راح     يتبسّم   *   وانـا   من  بسمته  محروم

                            *   *   *

حرمنـي   حتى   أحلامي   *   مع   بُعده   هجرني  النوم
وطـول  ليلي   وأوهامي   *   على   همّي  تزدني  هموم

                            *   *   *

وحتى    الدمع   جافاني   *   تناسـى    خطه   المرسوم
على  ذا   الخد   والثاني   *   وأيـام    البكاء   المكتـوم

                            *   *   *

بقيت عايش على الذكرى  *   وأيامي     مطـر    وغيوم
ولو كان  الهوى  يُشرى   *   لكان    اليـوم  غير  اليوم

                            *   *   *

زمـان كان  البكاء  ينفع   *   لأن  الهجر   كان  موهوم
وأما   اليوم   لا   يُسمع   *   وسمعه في الهوى مختوم

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2019

من تراث يرامس..د/صالح عقيل سالم

مدّ لي يا البعير الكبير المحمل  مدّ لي من حمولك تجمل

من التراث الادبي في منطقة يرامس بأبين

كتب / د. صالح عقيل بن سالم
الاحد, 08 يناير 2006
صحيفة الايام

تعد منطقة يرامس من المناطق التاريخية العامرة بالإرث الحضاري والزراعي والاجتماعي والأدبي، المتميز عن بقية مناطق المحافظة، فقد ذكرت في الكتب القديمة والحديثة، أهمها: كتاب (جزيرة العرب) للهمداني، وكتاب (تاريخ القبائل اليمنية) للأستاذ حمزة علي لقمان.

ما يميزها كثيراً، ويجعلها حافلة بالحياة والحركة مواسم الزراعة والحصاد، ولا سيما موسم (الصيف)، ففي هذا الموسم يزرع (البكر) المتعارف به ليس على نطاق مناطق أبين، بل يأتون لحصاده من محافظة لحج التي تميزت أيضاً في موسم الشتاء بزراعة (الغربة). وهنا في يرامس يعم الفرح والتعاون والتعارف بين الناس، وتسير الحياة بسذاجة الريف وبساطته، بعيداً عن الكلفة والتعقيد والحدود .. وتكثر الأفراح والأعراس في هذا الموسم الخصيب، ويلاحظ الكل العادات والتقاليد في يرامس ومنها: الأعراس التي تقام فيها مراسيم كثيرة أهمها (الشرح) الذي يعد ملتقى أدبياً للشعراء والناس عامة، وهو تهيئة للزفاف، ويستمر أكثر من أسبوع، تقرع فيه الطبول والرقص من قبل الرجال والنساء من بعد صلاة العشاء حتى مطلع الفجر، وقد لاحظ هذه العادات الناس الذين يفدون من خارج المنطقة لموسم الحصاد، ولا سيما الشعراء الذين جاشت مشاعرهم وأحاسيسهم بالارتياح والسعادة، فعبروا عن هذه اللحظات أصدق تعبير، ومن هؤلاء الشاعر الفحل (ابن الدولة ) من منطقة (الحصن - الرواء) يقول:

والحصن ما باه دي اتعبني ونكد بحالي

باسير باحرقه حتى ولا وهي زراعه معانا في الطين

وادي يرامس به العنبا وبه ليم حالي

حلفت ما فارقه لو بايسو لي ثلاثة مراكب مشاحين

والشاعر حيدرة عقيل الفليسي من منطقة (عبر الشبعة) ويدعونه بشاعر الحكمة في السلطنة الفضلية يقول:

روحي بوادي يرامس بتنقصينه طيوره

ومن معه محبوب لا حبه يهون

الرزق علاّ بين السما والمثوره

علوا وجيبوا الرزق يا دي تعلون

فهذه شهادات من شعراء فحول قدامى من خارج يرامس، حلقوا في سمائها وصوروها في حلتها القشيبة آنذاك، وهي شهادات تحفظ وتسجل معها تغير الزمان والمكان، فالشعر ديوان العرب، سجل لأخبارها ومغازيها وأيامها.

وإذا اتجهنا إلى شعراء يرامس في تلك المواسم التي تعقد بالخير والأفراح نرى كوكبة من الشعراء عاشوا تلك المرحلة، جميعهم قد رحلوا (رحمهم الله)، منهم: أحمد عبدالله حسن الحاكم، والدبيشي بن ماطر، وجعبل (أمذيب) وعلوي عمر مبلغ، وزين عبدالحبيب، وعلي بن جابر، وفرج صالح، وآخرون، ولا يسعني هنا إلا أن أقف عند بعض المساجلات الشعرية التي كانت تتم في (الشرح) وهي عبارة عن بدع (بدء) وجواب.

فقد قيل إن بعض شعراء يرامس شاركوا في زواج في منطقة الحصن بدعوة من أحد أعيان المنطقة، وعندما عادوا إلى يرامس مباشرة أحيوا زواجاً، فدارت بينهم في اليوم الثامن من الشرح مساجلات، فقال أحدهم هاتوا آخر صوت وقفتم عليه في زواج منطقة الحصن، فتقدم الشاعر جعبل امذيب قائلاً، بدع:

تعبت وانتي تعبتي يا خيل من حفة الميدان

والحصن ما بعذره شيء لو بايشلوني توكّأ على العيدان

جواب: أحمد عبدالله الحاكم:

يا محسن الشرح وأهله ومحسنك يا غصين البان

أسود كما الليل حالك جابوك من خوره ومن بيحان

لا شي تخفّوا على أحمد وما تخفى بان

خليل من جبر خله وما تمناه بايقع له وهوه طربان

بدع جعبل:

القابله ثوري وثورك باشلهم عطوة الرحمن

بطلق لهم في الخضيرة يغيّبوا من عيون الحاسد الشيطان

بدع الدبيشي:

قال الدبيشي من الله ذا وقتنا ما تخفي بان

يا ذيب تعوي فجاره على الغنم دي تخيلها مع الرعيان

جواب الحاكم:

الناوه المثقلة يا الله عساها على ريبان

ورأس مكعيل شله يسقى المصانع ويسلى قاسم الجردان

بدع جعبل:

يا ليت ليه محبة ولاّ في الأرض لي حبان

باحل في قصر عالي لما يرووني الدولة قبب سيلان

ثم تتغير القافية بحسب الصوت المطلوب للشرح، فيتقدم الشاعر علي بن جابر قائلاً، بدع:

مدّ لي يا البعير الكبير المحمل مدّ لي من حمولك تجمل

دي عليك المقدم متسمل سيرتك كلها الاّ تطراح

جواب الحاكم:

نشروا شرحكم من عشيه واظهرونه مع قرب لصباح

شرع لذياب تسري نام لك نام يا ثعل قواح

يا الهلي رد عقلي عليّه لا تشله مع طيب ورياح

وأن قده من ضري شي ضريه باضربك قفل من غير مفتاح

الدخيلة سقيه سمينه في المداره ترمح ترماح

توكل الاّ ذرة عوبلية مستقرة لسكين ذباح

لقد حاول الشعراء في مساجلاتهم أن يوظفوا الصورة التشبيهية (يا فيل، يا غصين البان، اسود) والصورة الاستعارية (يا البعير، نام يا ثعل، الرخيلة) والصورة الرمزية (ثوري وثورك، يا ذيب تعوي، الناوة المثقلة)، وكانت الصور جميعها توحي بالحبيبة عدا بعض الصور التي توحي بالحبيب (نام يا ثعل، يا ذيب تعوي) وعلى الرغم من الحسن والبهاء الذي تثريه الصور، غير أن الشاعر الحاكم قد عاب على الشاعر علي بن جابر التصريح بذكر الحبيبة في قوله: (مدّ لي يا البعير الكبير المحمل...) حيث شبه الحبيبة وهي حامل بالبعير المحمل، ولم يفهم الناس تلك الصورة الجميلة لعلي بن جابر سوى الحاكم، فقال له: (نشروا شرحكم من عيشه وأظهرونه مع قرب لصباح) فهو عرف - مباشرة- يقصد من النساء اللاتي يشترحن، لذا يعيب عليه التصريح بذلك في أول الشرح ويجيز له في آخره (لصباح).

وهذه هي طبيعة المساجلات مهما كانت الصورة رائعة يحاول الطرف الآخر الطعن فيها، ليظهر حذقه وبراعته.

أما المعجم الشعري، فقد كان معظمه عاميا، غير أنه أثرى المساجلات بالدلالات والصور، فكان معبراً عن المعاني أحسن تعبير، فالمفردة (فجارة) عامية ولا تفسر إلا بالعامية (شبعة) فإذا فسرناها بالفصحى (البغي)، قد تخرج عما أراده الشاعر، لذا تبقى المفردة كما وظفها الشاعر لا نمسها بشيء، فهي تحمل حساسية ودلالة على المعنى أكثر مما تحمله الفصحى في هذا المقام.

وكذلك في الناوة: السحابة، متسمل: البعير الجميل المزين بالحلة الخضراء على مكان الركوب، والقواح: كثير الصياح. فضلاً عن أسماء أماكن في منطقة يرامس (عطوة الرحمن، رأس مكعيل، المصانع، ريبان) فكل مفردة لها دلالة معبرة عن معنى أراده الشعراء.

فذلك نموذج حي للتراث الأدبي في يرامس، ولنا وقفات أخرى - إن شاء الله- مع شعرائها.

وقبل أن أختم أحب أن أذيل هذه المقال ببيت شعري مشهور عن يرامس يتناقله كل أبنائها، وهو صدى لتلك الأصوات المجلجلة للشعراء الذين وفدوا على يرامس وشاركوا في مراسمها وأفراحها، وهو على أصح الروايات للشاعر الدبيشي بن ماطر، إذ قال:

يرامس حن له قلبي وذكرني السلى دي كان

ونا ما بفرقه لو بايسولي في السنة دكان

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

سالمين وشوعي الفنان/محمدعكف عوض

*سالمين وشوعي الفنان*

*قصة قصيرة من الواقع اللحجي*

*عقيد محمدعكف عوض 26-6-2019 زنجبار*
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،"""""""""""""""""""""""""""""""
*بمناسبة الذكرى الواحدة والاربعين لاستشهاد الزعيم التاريخي لثورة 14اكتوبر 1963 الرئيس الشهيد سالم* *ربيع علي سالمين رحمة الله عليه اسرد لكم هذه القصة كذكرى وتكريم لهذا الرجل المتواضع صاحب مشروع* *الدولة وباني نهضة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خلال ثمان سنوات فقط!*

*..انفض العزاء وذهب كلا ً إلى غايته وبقيت أم شوعي  تتجرع الآلآم والحسرات* *والزفرات وتبات في نياح وأنين ولوعة وتذّكر لولدها حبيبها شوعي الفنان والتي لاتزال* *رنات ضحكاته ترن في أُذنيها وتزن كأزيز النحل.*

*أختفى شوعي فجأة ولم يظهر له اي اثر في اي مكان   من محافظته الحبيبة لحج الخضيرة  او اي محافظة* *اخرى وبعد ان استنفذت  الاسرة كافة السبل للبحث عنه وعدم العثور عليه !*

*وذات يوم بينما الحجة ام محمد ساقتها الأقدار للجلوس تحت ضل شجرة مريمر بالقرب من الطريق العام المؤدي إلى عدن في* *منطقة صبر بجانب مقر اتخذ كثكنة عسكرية فإذا بمجموعة عساكر يقتادون شخص قد بدأ عليه التعب وتغيرت* *ملامحه !!شوعي الفنان !!شوعي الفنان!! صاحت الحجة ام محمد.*

*تعرفيه ياحجة ؟قال احد العسكر .*

*كيف ماشي اعرفه !!!!وآبووي أنا !!!شو شو اللي هدِيته أنا ؟؟؟ شوعي شوعي !!*

*مالش ياحجة ؟؟ شو وقع لش ؟؟*

*ياابني ذا الوليد قد سلَّقوا عليه أهله قبل سنة !!*

*خلاص ياحجة خبري اهله يروحوا عند سالمين ويتحاواو إبنهم بسرعة!*

*ذهبت الحجة ام محمد من فورها لبيت ابو شوعي وتصيح وهي بنصف الطريق وابو شوعي وابو* شوعي !!

*خرج ابو شوعي وبعض الجيران مالش ياام محمد شو تبي شو تبي ؟*

*شوعي شوعي حصلت شوعي ابنك !شفته بعيوني*

*شوه انتي شوه تقولي  ؟شوعي قد مات وقد طوينا سلقته قبل سنة!*

*شوه انا بايتوه عني شوعي والله انه شوعي ذي لاينكر !!اسمعني يابو شوعي  الآن تتحرك عند سالمين !شعهم قالوا مالها إلا سالمين ومافيش وقت لاعاد يطيرو به  !*

*تحرك الاب واسرته بسرعة ومن وقته  عند* *سالمين وأخبروه بالقصة وقال لهم اسبقوني وانا بااكمل شوية شغل وباألحق بكم!*

*بعد ساعة و سالمين واهل شوعي في الحجز بعد ان ألتقت اسرته به تعانق الجميع في موقف لايوصف ولايصدق وصارت الدموع تبلل  مآقيهم .*

*يسأل سالمين كم لك مسجون ياابني؟*

*-سنتين وخمسة عشر يوم* .

*-من سجنك ياابني؟*

*-فلان ابن فلان* ...

*احضرو السجان امام سالمين وسأله لماذا سجنتوه وبهذه الطريقةالمهينة؟ وهل* *حاكمتموه* ؟

- *هذا مختلس يارئيس!*

- *إذا كان مختلس باتحاكموه محاكمة عادلة !*

- *الآن تدخل انت السجن بدلا ً عنه حتى ننظر في امرك!*

*أعتذر سالمين لشوعي واسرته وخيّره بالعمل الذي يريده !*

*فأختار شوعي العمل في الفن وكان له ذلك في مدرسة سالمين للبدو الرحل المركز الرابع لحج تبع الفرقة الفنية عازف كمان !*

*شكرا ً سالمين شكرا ً سالمين كادت الام تطير من الفرحة وهي تعانق الرئيس  وتشكر الله الذي جمعها* *بسالمين وابنها معا ً ولطالما تمنت ان تلتقي سالمين.*

             -  *تمت* -

الاطفال يشيبون عند الفجر..للقاص/ محمدعبدالولي

الأطفال يشيبون عند الفجر   للروائي محمد عبدالولي

الظلام أسود أسود أسود والليل بارد بارد بارد والأشباح تملأ المكان، خوفاً وطلقات بعيدة تردد الجبال والوديان صداها، الأسلحة تجمدت فوقها الأيدي، الدم الحار التحم بالقصب البارد، حبات الرصاص كانت دافئة مثل القلوب القليلة التي تخفق في الربوة.. الليل طويل، طويل، طويل، والدقائق دهور والساعات عصور هل يدرك أولئك معنى الموت؟
الأعين تدور بامتعاض عن المدينة التي تقبع وراءهم، الربوة تشرف على سهل والسهل أجرد أغبر-ألوان الموت-لا لون آخر للسهل كل شيء أغبر الناس. والتراب، والصخور، والشجر القليل المتناثر-العيون تتعود على الظلام لكن البرد يجمد الرؤيا، ولكنه لا يبلد الإحساس، كانوا سبعة وضابط كانوا نعم سبعة وضابط... ولكن هز الليل رأسه بهزء.
سبعة أمامه بلون الظلام والبرد يضحك باستهزاء وهو ينخر عظامهم التي لم تستطع ملابس الجيش القليلة أن تحمي اللحم الذي يغطي العظام. علب مبعثرة بعضها مليان والبعض الآخر فارغ وما داخل العلب يثير الغثيان بعد أن جمده البرد. كانوا يأكلون حتى لا يموتون جوعاً كانوا يعرفون تماماً أن الموت قادم لكن لا يريدون الموت جوعاً، ولذا كانوا يأكلون في زاوية الخيمة. نعم كانت لهم خيمة قديمة من بقايا ما تعطف به الصليب الأحمر ذات يوم ليوضع في مناطق دافئة تحمي المرضى من أشعة الشمس ولكن الذين في المدينة يفهمون الفرق بين خيمة وأخرى ولذا كانت الرياح قد مزقت الخيمة ولم يبق منها سوى نتف ترفعها الرياح لتذكر المجموعة بأنهم لا يزالون فوق الربوة، بجانب الخيمة كوم من الكدم تكبر كل يوم لأنهم لم يتعودا طعم الكدم الذي يشبه بقاياهم التي يتركونها في أي مكان. كانوا سبعة وضابط. الدفء الوحيد في الخيمة هو أنهم جميعاً معا انتقلت السيجارة من مكان إلى آخر، وضوءها الخافت تخفيه أيديهم لئلا يكتشف العدو مكانهم، ولكي تدفئ الشعلة أيديهم المتجمدة. كان الوقت نهاية ديسمبر وبعد دقائق سيحتفل العالم كله ما عداهم بقدوم عام جديد. أما السبعة والضابط فلم يكونوا يعرفون في أي يوم هم وماذا يعني عام جديد مضى عليهم منذ أن احتلوا هذه الربوة، وبقوافيها أسبوع وهم يهاجمون كل ليلة ولم ينهزموا فقدوا الكثير وعددهم سبعة وضابط برتبة ملازم ثان، ولكن هنا لا يمكن أن تجد فرقا بينهم فكلهم لم يعرف الحلاقة بعد، ولم يتعد أكبرهم السادسة عشرة الضابط نفسه كان بالأمس طالبا في الكلية، وهو الآن يقاتل منذ أن بدأ الحصار. المدفع أمامهم صغير في السن أيضاً. تسلموه قبل شهر وكان في صندوق. لم يمض على صنعه سوى سنين في مثل عمر أصغرهم ولذا فهم من جيل واحد، وكانوا جميعاً يحبون مدفعهم ويعتنون به وخاصة عندما يقهقه في وجه العدو يتمنى كل واحد أن يقهقه معه. لا قمر في السماء والليل بارد، والظلام أسود، وقلوبهم دافئة أما أيديهم فقد تجمدت على الأسلحة، تأخر العدو هذه الليلة كما تأخرت المدينة خلفهم من تزويدهم بالأغذية والمؤن وعيونهم تخترق الظلام وتمسح السهل الأغبر تحت الربوة سيسقط الجبل غداً بيد زملائهم وعندها لن يكون لمدفعهم فائدة عسكرية، وسيعودون إلى مواقع أخرى، أو إلى المدينة كان أصغرهم في الحادي عشرة- أسمه علي، هو من عتمة. انضم قبل عام وقاتل في عدة مواقع وكان يريد أن ينام. ليحلم بالبقر والغنم الذي تركهم وهرب. كان راعياً لكنه مع ذلك مثله مثل بقية زملائه السبعة رعاة من أبناء فلاحي عتمة وريمه وحراز وكان واحد منهم من صنعاء واسمه يحيى، كان لصا قبل أن ينضم (وكان يعرف كل سجون صنعاء. الرادع بقى به سنة، والقلعة تردد عليها مرات، وسجن الداخلية والمباحث الجنائية والمركز وكل السجون فقد كان لصاً.
منذ أن بلغ السابعة ومارس مهنته بجدارة حتى بلغ الثانية عشرة وقبل الحصار حمل البندقية: سرق مرة وهو يحمل البندقية وقال أنها سرقة شريفة-فقد سرق مسدس أحد العقداء عندما هجم العدو وهرب العقيد.. ارتمى في الخندق وبدأ يزحف بعيداً ورأى يحيى مسدس العقيد وبعد لحظات ورغم تناثر الدانات على الموقع كان المسدس قد اختفى-أما العقيد فقد حمدالله على نجاته عندما وصل إلى صنعاء-وبعد أيام كان في مهمة إلى الخارج. وبقى المسدس مع يحيى فترة ثم باعه ليشتري له ولبعض زملائه ملابس للشتاء القارس فوق الجبال. حتى الضابط قصته عادية سوى أنه أفضل من البقية لأنه يعرف القراءة والكتابة- درس حتى المتوسط. ولم يكن يقرأ سوى بعض الكتب الدينية-وبعض الجرائد-غير أنه في الفترة الأخيرة بدأ يعرف أفكاراً جديدة لم يكن يدري أنها موجودة، وكان أحياناً يقصها لجنوده وهذا ما جعلهم يعتبرونه منهم خاصة وأنه لم يهرب من أي معركة مثل بقية الضباط.
قال يحيى بصوت هامس لماذا تأخروا الليلة؟ وأجاب علي وصوته ناعس: ربما ناموا. تحرك الضابط نحوهم وقال: لدي إحساس بأنهم يدبرون شيئاً، تجمعوا في حلقة، وكانت عيونهم تخترق الظلام ولم يكن (البرد يعني شيئاً). تحدث الحرازي وقال. اسمعوا لا بد أنهم يريدوننا أن ننتظرهم بينما هم نيام، وعند الفجر يهجمون ونكون نحن في إرهاق. فنظر الضابط في ساعته وكانت في منتصف الليل أصدر أمراً بأن ينام النصف ساعتين وأن يبقى النصف في يقظة لم يكن علي يحتاج للأمر فقد كان يحلم بأمه تسقيه قهوة حارة أعادت لخده الحرارة ورسمت ظل ابتسامة فوق شفتيه.
استقبل العالم العام الجديد وفوق الربوة التي تبعد عشرين كيلو متر من صنعاء كان سبعة وضابط يخفيهم الظلام، ويحتويهم البرد، لا يعلمون بأن عاماً جديداً مر بجانبهم. هناك بالمدينة كانت بعض الأنوار. وكانت قوارير تثير الدفء وكؤوس ترفع. ولقد لاحظ أحدهم بضعة منازل أطفأت أنوارها الدقيقة ثم عادت من جديد للنور. يحي يدمدم بصوته الحنون أغنية اللصوص الأطفال التي تردد نحن في السجن. ويده على المدفع وعينه فوق السهل الأغبر. في أنفه حاسة لص وفي سمعه يقظة كلب الحراسة ومضت الساعة بعد الأخرى. وفجأة توقف غناؤه وتقدم يكلم الضابط وقال: أنهم قادمون رغم أن الكلمة قيلت همساً إلا أن الجميع تقافزوا.. النوم كان حلماً عابراً ومضى، وأخذ كل منهم مكانه. قال علي وهو يطرد النوم بعنف. لا أسمع شيئاً. أجاب يحيى: نعم لا أحد منكم يسمع ولكني أحس بهم.. السيارات تدفقت قبل قليل اعتقد أنهم على بعد بضع مئات الأمتار يتقدمون من عدة اتجاهات أنصتوا أنهم حفاة تماماً، لم يخنه حدسه مرة ولذا كان رادار المجموعة.
أصدر الضابط أمراً. لا تطلقوا الرصاص حتى يكونوا على بعد أقدام واستخدمنا عندها القنابل اليدوية ثم بعد ذلك أصلوهم بالرصاص. في يد كل منهم قنبلة أصبحت جزءاً من اليد الباردة، لكنها أصبحت حارة.
الدماء تثور في الأعماق وتنفجر والليل ينظر إلى الأرض تحته بغباء مرت عليه مئات السنين وهو يشاهد مناظر مختلفة لكن سبعة من الأطفال مع ضابط لم يحدث ذلك من قبل. وبدأ الانفجار يهز الليل بعنف مات الظلام وانتحر البرد وهو يشاهد النيران حوله تحرقه بعنف ولم يصدر من السبعة والضابط صوت بينما الصراخ يرتفع بعنف من الجانب الآخر. كانوا كثرة أكثر من مائتين رجل وكانوا يحيطون بالموقع-من كل جانب وفوجئوا بالقنابل تتطاير حولهم، ولعلع الرشاش، وانطلق المدفع. سقط واحد من السبعة فصمت ولم يطلق صوت ألم، حتى الطلقة وهي تخترق الجمجمة لم تصدر إلا صوتاً خجلا وهوت قنابل يدوية بينهم وكانت أكياس الرمل حولهم في الخندق تحمي البعض، ولكن الشظايا أصابت بعضهم  وكان الرصاص يتطاير من كل جانب حتى أولئك الذين كانوا عندها يحتلون الجبل قالوا أنهم شاهدوا نهارا في قلب الليل وسمعت أصداء المعركة حتى صنعاء نفسها:
كان بابا نويل يوزع هداياه في بقاع بعيدة، في (العالم) وقال طفل: أنه يريد بندقية لأن بندقتيه ذابت من الرصاص. وأهداه بابا نويل رشاش زميله القتيل. ويقال أن ذلك حدث عندما كان بابا نويل يمر فوق المعركة، لكنه كان حزيناً طوال تلك الليلة في كل بقاع الأرض وسأله أحد الأطفال عن سبب حزنه فلم يجب إلا بكلمات قليلة أن الأطفال في اليمن يشيبون مع الفجر. ولم يعرف الأطفال ماذا يعني بابا نويل. سقط الضابط أيضاً بعد ساعتين من القتال. وبقي مع إشعاع الفجر الأول اثنان علي العتمي ويحيى اللص. كان مدفع يحيى حاراً، وكان الرصاص قليلاً، فقال سأقتصد وكان علي قد جمع حوله بقايا القنابل. ألقي جزءاً ليحي وقالا سنقتصد وجمعت كل الرصاصات وكل الأسلحة. يحيى أخذ الجانب الجنوبي وعلي كان في الجانب الشمالي وكان العدو قد تراجع منذ قليل وقال قائدهم جبناء موقع كهذا تفقدون فيه كل هؤلاء الضحايا ولا تحتلونه: فقال أحدهم: نحتله كيف وشياطين الجميمة كلها تقاتل هناك ضدنا. فقال القائد (إما نحن وإما الربوة) عار أن نفقد قتلانا ولا نحتل الموقع. وتناثرت القنابل. وكانت هذه المرة قليلة ولكنها مركزة ولعلع الرصاص. ولم يعد الليل بارداً ولم يعد الظلام أسود. كان الشفق محمراً في الأفق. وقال أحد الأعداء أنه شاهد الشفق يبكي في قلب الشمس قبل أن تشرق، وكان البرد قد خجل من قسوته وحمل دثاره ومضى. كان حزين يبكى قسوته فالربوة وتحت خيمة لم يبق منها سوى أعمدتها. وتحت الأكياس كانوا (سبعة وضابط). الدماء بركة حمراء وكانت أيديهم على البنادق، والمدافع ولم تكن هناك ذخيرة. وغطى العدو وجهه وهو يشاهد الأطفال أمامه. فوق شفتي يحي حزن مؤلم لأنه لم يقاتل حتى ينهيهم. وفي شفتي علي ابتسامة لأن أمه كانت تسقيه كأس من لبن الغنم وأما الضابط فقد كان فاتحاً ذراعيه ينظر إلى السماء طالباً أن تحفظ أطفاله الذين هم في مثل عمره. تجمعوا حول المكان ولم يصدق أحد ما يراه. كانوا سبعة من الأطفال وضابط وقد شابوا عند الفجر ومن يومها لم يمر الشفق فوق بلادنا.

--------------------------------------------------------------------------------