الجمعة، 5 أبريل 2019

من مذكرات (علي ناصرمحمد)

[٢٣:٥٧ ١٥‏/٣‏/٢٠١٩] محمدناشر: اليمن في مذكرات كارين بروتينتس

تحدث المسؤول السوفيتي السابق لجريدة الحياة السعودية الصادرة من لندن ونشرته في خمس حلقات، نفتطف في مايلي ما جاء في حديثه حول اليمن، والذي جاء في نهاية الحلقة الثالثة ومطلع الحلقة الرابعة:

مستشار الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف كارين بروتينتس : في التيه العربي . أعلنت عدن الحزب الاشتراكي خلافاً لارادتنا واعتبرنا الخطوة غير مناسبة في العالم العربي والاسلامي
3 من 5

| منذ 26 فبراير 1999 / 00:00
في العهد السوفياتي كان مقسم الشؤون الدولية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي مطبخاً فعلياً لصنع القرار السياسي. وكان كارين بروتينتس نائباً لرئيس هذا القسم ومسؤولاً عن ملف الشرق الأوسط والبلدان النامية عموماً، ثم غدا مستشاراً للرئيس ميخائيل غورباتشوف وبتكليف منه قابل العديد من الرؤساء والساسة العرب.

وتكشف مذكرات بروتينتس 74 سنة جوانب خفية من سياسة الكرملين حيال الشرق الأوسط وافغانستان وتسلط الاضواء على أوراق ظلت مطوية.

ولا بد لي ان اتوقف عند بعض جوانب العلاقات بين الاتحاد السوفياتي واليمن الجنوبي، تلك الدولة التي محتها احداث السنوات الاخيرة من الخريطة السياسية. فلتلك العلاقات اهمية تتجاوز حدود الكيان المشطوب.

كانت علاقاتنا مع اليمن الجنوبي اوثق من علاقاتنا بأية دولة عربية اخرى. وكان هناك حوالى 500 مستشار عسكري سوفياتي وما بين 1500 و4000 خبير مدني حسب اختلاف الاوقات. الا اننا عجزنا عن التأثير في سير الاحداث في هذا البلد الصغير. "فاجعة" اليمن الجنوبي تسوق الدليل على بعد المسافة التي قطعتها الموجة اليسارية في اعماق "العالم الثالث" النائية في تلك السنين وكيف تحطمت هذه الموجة على صخرة الظروف المتخلفة غير المواتية. وبينت تلك المأساة ان السياسة السوفياتية التي اعتبرناها منطقية في اطار مخطط "زحف الاشتراكية ودعم حلفائنا الطبيعيين" لم تكن على المستوى الواقعي اللازم بل لعلي اقول انها كانت سياسة طوباوية، بالغت في تقويم امكاناتها من جهة وقدرات القوميين الثوريين العرب من جهة اخرى.

في العام 1964 اعلنت لندن انها تنوي تحويل عدن قاعدة عسكرية دائمة لحماية المصالح البريطانية فيما وراء السويس. وبعد اقل من اربع سنوات ارغم اليمنيون الجنوبيون بريطانيا على مغادرة البلاد بقوة السلاح. واعترف الاتحاد السوفياتي بالدولة الوليدة بعد ثلاثة ايام من رفع علم الاستقلال في 3 كانون الأول ديسمبر 1967. وكانت موسكو مهتمة، من دون ريب، بموقع عدن الاستراتيجي، شأن اهتمام الانجليز به. ولعبت الدوافع الايديولوجية دورها ايضاً. فاذا تركنا الشيوعيين جانباً ففي اليمن الجنوبي "عششت" اكثر القوى يسارية في العالم العربي، وذلك باعتقادي لعاملين اساسيين اولهما الانفتاح على الخارج وثانيهما قصر نظر الانكليز الذين ساروا بالأمور في اليمن الجنوبي، خلافاً للهند، الى حد القتال المسلح، ما تحول عاملاً لنشوء الحركة اليسارية.

وفي يوم اعلان الاستقلال اكدت "الجبهة القومية" انها تعمل لتأسيس "حزب طليعي".. وخلافاً لتوصيات الحزب الشيوعي السوفياتي ظهر بعد عشر سنوات الحزب الاشتراكي اليمني على اساس وحيد هو "مبادئ الشيوعية العلمية"، حتى ان عبدالفتاح اسماعيل سماه بالحزب الشيوعي. وحذرت موسكو في حينه من مغبة هذا "التحدي للعالم العربي والاسلامي".

وكان ذلك كله بالطبع عملية مصطنعة على رغم حسن النوايا. فمن بين 32 الف عضو ومرشح لعضوية الحزب في العام 1986 كان هناك 2000 امي وكثير جداً ممن عجزوا عن التخلص من الترسبات والمخلفات العشائرية. ولا اعتقد ان ثمة فارقاً مبدئياً بين هذه اللوحة واللوحة الحزبية الشيوعية في آسيا الوسطى في مطلع العشرينات. الا ان تنظيمات الشيوعيين هناك كانت تعتمد على الهيكل الروسي وعلى دماغ الحزب الشيوعي السوفياتي.

يتبع 1 واخير
رابط الحلقة (3 من 5):

‏http://www.alhayat.com/article/990888
[٠:٠٠ ١٦‏/٣‏/٢٠١٩] محمدناشر: الرئيس علي ناصر محمديرد بالوثائق على مستشار غورباتشوف السابق كارين بروتينتس . حقيقة دور المخابرات السوفياتية في احداث عدن 1986

علي ناصر محمد | منذ 12 أغسطس 1999 / 00:00

نشرت "الحياة" بتاريخ 24 و28 شباط فبراير الماضي خمس حلقات من مذكرات مستشار الرئيس الأخير للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، نائب رئيس قسم الشرق الأوسط للشؤون الدولية في الحزب الشيوعي الحاكم آنذاك كارين بروتينتس تطرقت إلى تجربة بروتينتس 74 سنة في العالم العربي والجوانب الخفية من سياسة الكرملين حيال الشرق الأوسط. وتناولت الحلقة الرابعة من المذكرات اليمن الديموقراطي سابقاً وعلاقاته مع الاتحاد السوفياتي والانشقاقات داخل الحزب الاشتراكي الحاكم آنذاك والصراعات التي أدت إلى اندلاع الحرب الداخلية في 1986.

وحمّل بروتينتس في مذكراته الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد مسؤولية الحوادث، واتهمه بأنه ساهم في توتير الأجواء ودفعها إلى الانفجار. وحرصاً على توضيح الملابسات وكشف الجوانب الأخرى من الحقيقة، رد الرئيس السابق على بعض ما ورد في مذكرات بروتينتس، مستخدماً وثيقة سرية صدرت آنذاك عن جهاز المخابرات السوفياتي كي جي بي، وهي واحدة من الوثائق الكثيرة التي يحتفظ بها وتتضمن العديد من الأسرار التي يمكن ان تنشر في مذكراته.

وهنا رد الرئيس السابق علي ناصر محمد:

لم اكن اود التطرق الى تعقيدات العلاقة اليمنية - السوفياتية، كما لم اكن اود نبش الماضي اطلاقاً، اذ انني كتبت كل ما اعرفه وعايشته خلال تجربتنا في اليمن الجنوبي في مذكراتي التي اودعتها في مكان امين مفضلاً عدم نشرها في الوقت الحالي، حتى لا تستخدم لتصفية بعض الحسابات، ولأن الوقت لم يحن في ظل متغيرات متسارعة تحتم ايلاء المستقبل اهمية اكبر من الماضي، وعدم التسرع في اسقاط ايجابيات وسلبيات مرحلة على مرحلة اخرى، وانتظار ما تأتي به الايام، حيث لك كلمة مكانها ولكل موقف انعكاساته ولكل تجربة ساعة حسم لا بد ان تكشف فيها عن نفسها وتقدم حساباتها المنتظرة للشعب. لذلك فضلت ارجاء النشر حتى يمكن الاستفادة منها مستقبلاً ضمن استقراء هادئ لتاريخنا وقراءة موضوعية متأنية له.

غير ان ما نشره مسؤول اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كارين بروتنس في صحيفة "الحياة" العدد 13140 بتاريخ 27 شباط فبراير 1999 ضمن ما اسماه مذكراته، يستدعي النقاش والتمحيص لأنها اذا احسنا الظن تداعي افكار غير موثقة تغلب وجهات النظر اكثر مما تعتمد الحقائق، وتجنح الى تغليب الرغبات اكثر من الواقع. وتحاول مسخ الحقائق عبر تبرئة الذات وتحميل المسؤولية للآخرين، ناهيك عما تفوح به روائح الاستعلاء والتعالي والوصاية على الآخرين من خلال تقديرات وتقارير استخباراتية وعبر تقويمات لا ترى سوى مصلحة الدولة "العظمى" ولا تبالي بآمال واحلام وآلام اي شعب تعتبره يدور في فلكها فهو يصف احداث 13 كانون الثاني يناير الفاجعة التي جرت عام 1986 في عدن بأنها كانت مفاجئة للسوفيات، ويوحي بأنهم لم يلعبوا دوراً فيها، ولكن "وثيقة سرية" تحت رقم 417342 بتاريخ 18/11/1985، اي قبل الاحداث بأقل من شهرين، تؤكد بما لا يقبل الشك ان تصعيد الخلافات وخلق البلبلة وتوتير الاجواء بين القيادات اليمنية وصولاً الى احداث يناير المشؤومة كان من اعداد وصنع دوائر الاستخبارات السوفياتية كي.جي.بي.

هذه الوثيقة السرية هي توجيهات مرسلة من قبل السيد أليشن في الاستخبارات السوفياتية الى مسؤول الـكي.جي.بي في السفارة السوفياتية في عدن.

ويؤكد أليشن في بدايتها ان هذه التوجيهات ترتكز على التعليمات الواردة من مكتب بروتنس باعتباره مسؤولاً عن الشرق الاوسط في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي. ويحدد مسؤول الاستخبارات السوفياتية المشكلة التي تواجههم في عدن على الشكل الآتي:

"ان الصعوبات الرئيسية التي تعترضنا، لا تزال كما كانت في السابق، ترتبط بشخص علي ناصر محمد، فهو ومؤيدوه مستمرون في النمو بشكل قوي في البلاد مما يلحق الضرر بالعلاقات السوفياتية - اليمنية".

ويستطرد في تحديد المشكلة قائلاً: "اظهرت الوقائع انه على صلة قوية بـصالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية" وانه خطط لاقامة علاقة مع الولايات المتحدة على حسابنا، كما عقد العزم على رفض وجود لقواعدنا، واتهم الطرف السوفياتي بعرقلة استكشافات النفط في اليمن الديموقراطية، كما انه ساند تعاظم السخط بين سكان اليمن الديموقراطية ازاء سياسة الاتحاد السوفياتي، وحرّض على خطابات مناهضة لوجودنا في البلاد".

هكذا حددت الـكي.جي.بي ومكتب برونتس في اللجنة المركزية ماهية المشكلة التي تواجههم في عدن. وبصرف النظر عن مدى صحة القضايا المطروحة في هذا التمهيد الاستخباري، الا ان ما يجب التأكيد عليه هنا هو ان ذلك يعني بصورة قاطعة تدخلاً سافراً في شؤون اليمن الديموقراطية، ومحاولة للنيل من قيادتها وتوجهاتها.

غير ان التوجيهات تأخذ مدى ابعد حيث لا تكتفي بتوضيح الحال، وانما تحدد الهدف العاجل والمستقبلي… حيث تؤكد على "فهمنا للحاجة الى استبدال علي ناصر محمد" وتستعرض الشخصيات البديلة الممكنة وتعلل كلاً منها وتضع سيناريو الاحداث المقبلة، اذ تؤكد على ان: "خطتنا تقوم على استعداء علي ناصر محمد ضد علي عنتر وصالح مصلح قاسم واذا حدث ذلك، فان ضربة مضادة سوف توجه ضد محمد وسنكون جاهزين لتدخل سريع، وسنوفر دعماً عسكرياً ونفسياً يعود بالبلاد الى حالتها الطبيعية، ويعيد البريق لمثاليات الثورة الاشتراكية اليمنية".

و"اظهر تحليل للاوضاع السياسية في اليمن الديموقراطية ان الحاجة ملحة للقيام بذلك قبل ان تحاول الدول الغربية الاستفادة من الوضع لصالحها".

وهكذا تضع كي.جي.بي وبروتنس سيناريوهاً متكاملاً للتدخل في شؤون اليمن الجنوبي الداخلية وتغيير قيادتها عبر صراع دام يستهدف تدميرها حتى يمكن الاتيان بشخصية مطواعة يرتضونها.

وبروتنس نفسه يعترف بالتدخل السوفياتي في افغانستان وبمشاركة موسكو في الخلاف بين نور طراقي وحفيظ الله امين، ويصفه بأنه ابشع خطأ ارتكبه الجانب السوفياتي، ولكنه لا يعترف بذلك في الحالة اليمنية صراحة.

ويتبجح بروتنس بأنهم اي السوفيات "كنا على الاغلب، القادة وكانوا المقودين" في اليمن الجنوبي، وهو ما فقدوه في القيادة التي حكمت ما بين عامي 1980 و1986 بحيث تآمروا للتخلص منها كما تعترف الوثيقة السرية للمخابرات السوفياتية. واذا ما اخذنا في الاعتبار ان هذه الوثيقة ليست سوى واحدة من آلاف الوثائق التي لم يتح لنا الاطلاع عليها فان لنا ان نتصور في ضوء ما جرى في بلادنا حجم التحريض الذي تم وحجم الدس الذي تم تنفيذه واتجاه مسارات الاحداث التي خطط لها، لذلك فان القيمة الواضحة لهذه الوثيقة هي انها تعطينا افق الرؤية لدى القيادات السوفياتية وادواتها الميدانية والاهداف المطلوب تحقيقها في ضوء استراتيجيتهم آنذاك، وكذلك الرؤوس المطلوبة ثمناً لهذه التحديات.

وأتساءل هنا هل كان ذلك الخيار هو الخيار الاسلم امام موسكو؟ ألم يفكروا بفداحة الثمن الذي سيدفعونه وتدفعه اليمن الجنوبية وشعبها للارتهان لمثل هذه العقلية من التفكير والتخطيط والقيادات قصيرة النظر؟ ألم يفكروا في الثمن الفادح سياسياً واخلاقياً الذي سيدفعونه ويدفعه حلفاؤهم واصدقاؤهم؟!.

يتبع1

‏http://www.alhayat.com/article/1012345
[٠:٠١ ١٦‏/٣‏/٢٠١٩] محمدناشر: الرئيس علي ناصر محمديرد2

في الوقت ذاته، كنا على علاقة ممتازة بالرئيس الاثيوبي منغستو هيلا مريام، ودائمي التشاور فيما بيننا، وستلاحظون ان توجيهات الـكي.جي.بي المشار اليها اعلاه، تسعى لتنفيذ المخطط نفسه تجاه الرئيس منغستو في محاولة لتغييره بأحد اعضاء المكتب السياسي الاثيوبي الاكثر ارتباطاً بالسوفيات. وفي احدى زياراتي لأديس ابابا سأل منغستو عن النفط في بلادنا، فأجبته ان السوفيات ينقبون عنه، ونأمل ان يستخرجونه.

كانت لدى منغستو معلومات ايضاً عن تحركات الـكي.جي.بي ضده وضدنا في عدن، فرد قائلاً: "ان السوفيات ينقبون عندنا ايضاً، وجرى استكشاف النفط في منطقة اوغادين، ولكن المسؤول السوفياتي عن الحفر لم يبلغنا بذلك، وارسل برقية مشفرة الى سفارته في اديس ابابا، وطلب منه ابلاغ موسكو حتى تقرر في ابلاغنا من عدمه. ولسوء حظهم وقعت البرقية في ايدينا وقمنا بفتح الشفرة، وبعدها طلبنا من المسؤول السوفياتي مغادرة البلاد لاخفائه المعلومات عنا".

واردف قائلاً: "يا عزيزي، انني متأكد ان النفط لن يستخرج في عهدي او في عهدك… لأن الـكي.جي.بي يعتبروننا قادة شوفينيين".

وفي عام 1988 جرت محاولة انقلابية فاشلة في اديس ابابا على الرئيس منغستو… وحدثني الرئيس الاثيوبي عندما زرته عن دور السوفيات في ذلك الانقلاب قائلاً:

"قبل فترة، طلبت من السوفيات ارسال فريق من العسكريين السوفيات لتقييم الجاهزية القتالية للجيش الاثيوبي، ووصل 11 جنرالاً في عام1987 الى وزارة الدفاع للقيام بهذه المهمة، وقدّر لها فترة ثلاثة اشهر للانتهاء من ذلك. ونظراً لانشغالاتنا الكثيرة ومشاكلنا الداخلية والحرب التي نخوضها وثقتنا في العسكريين السوفيات لم نتابع الموضوع الى ان جرت المحاولة الانقلابية في العام 1988، وبعد القضاء على المحاولة وعند محاصرتنا لوزارة الدفاع والبدء في تطهيرها، وجدنا الاحد عشر جنرالاً في اقبية الوزارة وهم في حال يرثى لها، وعند التحقيق معهم عن سر اختفائهم طوال تلك الفترة، اعترفوا انهم كانوا يخططون للانقلاب الفاشل وهم وراءه".

لا اريد من كل ما سردت ان اتنصل وزملائي اليمنيين من مسؤولية ما حدث في يناير 1986… ليس ذلك هو الغرض اذ انني منذ اول يوم من خروجي من عدن قلت اننا جميعاً نتحمل مسؤولية ما حدث، ولكن الغرض هو تبيان الدور الذي قام به الآخرون وخصوصاً الاستخبارات السوفياتية التي خططت للصراع واذكته واعتبرته وسيلة للتغيير الذي تشهده غير آبهة بالالتزامات الاخلاقية ولا بنتائج تلك المغامرة السياسية.

وغير ذلك، فان بروتنس تخونه الذاكرة، لأنه يعبّر عن رغباته وليس عن الوقائع، كما جرت.

فهو يقول انه قابل عبدالفتاح اسماعيل بعد خروجه من اليمن في مدينة فارنا في ايار مايو 1980، والمعروف ان عبدالفتاح لم يغادر عدن الا في بداية شهر آب اغسطس 1980، اما في مايو فكان في منزله في عدن.

وفي مكان آخر يقول انه حذر عبدالفتاح اسماعيل من مغبة الحرب مع صنعاء في عام 1979 عبر صديق يثق به في السفارة السوفياتية والمقصود بالصديق الموثوق مسؤول الـكي.جي.بي في السفارة، في الوقت الذي كان حينها عبدالفتاح اسماعيل رئيساً لليمن الجنوبية اذ كان لا بد من ابلاغه تحذيراً سوفياتيا، فالقناة الصحيحة هي السفير السوفياتي في عدن وليس المخابرات، وليس هذه هي الحالة الوحيدة التي يحاول فيها بروتنس الاساءة الى قيادة اليمن الديموقراطية، فهو ينقل على لسان عبدالفتاح اسماعيل كلاماً ضد علي عنتر بعد لقائهما في موسكو عام 1983. انه "اي عبدالفتاح اسماعيل" قال له انه لا يثق بتوبة علي عنتر، ولكنه يعتقد بأنه يمكنه الاستفادة منه لتيسير العودة الى الوطن.

اما قلب الحقائق والوقائع، فنجد ما اورده عن مقابلته لي في اذار مارس 1985، اذ يقول انني المحت له بلهجة لا لبس فيها انني مستعد لاستخدام القوة لحل الخلافات الداخلية وانه حذرني من مغبة ذلك… فاضافة الى انه ليس من المنطقي ولا من الحكمة بمكان ان اكشف لهم عن اي نوايا او خطط مفترضة بهذه الطريقة، فان ما جرى كان عكس ذلك تماماً.

فاللقاء مع بروتنس لم يتم في مارس 1985 وانما تم في نوفمبر 1985، واستأنس برأيي فيما يمكن ان يطرحه على الاخ عبدالفتاح اسماعيل عند اللقاء به. وأكد لي ان غرض لقائه سيكون محاولة اقناع عبدالفتاح اسماعيل للوقوف الى جانبي في الخلاف القائم في قيادة الحزب الاشتراكي وذلك كما قال بروتنس بالنص ضد العناصر الانقسامية والقبلية في الحزب، ويقصد بذلك "علي عنتر وزملاءه" وبعد لقائه بعبدالفتاح عاد لمقابلتي وكان ذلك بحضور عبدالغني عبدالقادر، عضو المكتب السياسي وقال لي: "ان عبدالفتاح اسماعيل غارق في ذاته حتى اذنيه، وارجو ان تنقذه من هذه الحالة، حيث فشلت في اقناعه بالموقف الصحيح". واضاف "ان عبدالفتاح يتهكم باقامة علاقات مع الانظمة الرجعية والمحافظة في المنطقة… وانكم اخرجتم عدن من الدائرة الحمراء الى الدائرة القومية"، وكانت لهجته تحذرني من عبدالفتاح واتهمه بالتطرف في الوقوف الى جانب علي عنتر.

وكان هذا آخر لقاء مع بروتنس وأنا في عدن، ولم التق به بعدها الا في عام 1994، اثناء زيارته برفقة ميخائيل غورباتشوف لدولة عربية، جمعنا لقاء مشترك بمسؤول عربي كبير فيها، بادر المسؤول العربي بالقول لغورباتشوف: "لقد قمتم بتدمير الاتحاد السوفياتي… وخدمتم اعداءكم وأخللتم بالتوازن الدولي وتدفعون حالياً ثمن ذلك ومعكم الشعوب الصغيرة. لقد ارتكبتم حماقة كبيرة، انكم كمن وضع نفسه في زنزانة ورمى مفتاحها الى البحر، فلا هو حمى نفسه ولا يمتلك سبيلاً للخروج من مأزقه". ولم يستطع غورباتشوف الاجابة عن ذلك ناهيك بروتنس.

اكتفي بهذا القدر واترك "الوثيقة السرية" المؤرخة في 18 نوفمبر 1985 تتحدث عن نفسها. فهي تكشف من دون مواربة "الاصابع الخفية" التي كانت وراء احداث 13 يناير 1986 في عدن. ولا عذر لبروتنس بعد ذلك ان كان يجهل ذلك او يتعمد اخفاء دور اجهزة بلاده في المأساة اليمنية. وعلى اي حال لم يعد لكليهما الآن وجود… لا للاتحاد السوفياتي ولا لليمن الديموقراطية… كلاهما اصبح في ذمة التاريخ… ولكن التاريخ حتى لو اخذ صورة مذكرات، لا يكتب على طريقة بروتنس المتعسفة.

واذا كنا نقرّ بأن التأثيرات المحلية كان لها دورها في الخلاف في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، لكن هذا يؤكد وجود قوى خارجية مهتمة بالقضية التي يدور عليها الصراع ولها مصلحة في تأجيجه واشعال لهيبه وهذا ما توضحه هذه الوثيقة بكل جلاء. وبالنسبة لي شخصياً كرئيس للدولة آنذاك وأمين عام الحزب الاشتراكي اليمني فانني اعتز بما تم انجازه خلال مرحلتي القيادية من اصلاحات حقيقية في الداخل هدفت الى كسر الجمود العقائدي والابتعاد عن التطبيق الحرفي لتجارب الآخرين واخراج الاقتصاد من نفق المركزية الذي شارف على الافلاس كما هدف ايضاً الى ان نكون جزءاً فاعلاً ومتفاعلاً مع محيطنا العربي للخروج من العزلة التي صنعناها بأيدينا ووجب ان نتجاوزها بنوايانا وعقولنا. ومنذ ذلك الحين وانا اشعر شعوراً اكيداً بأن قوى عديدة سواء بالحق او بالباطل شعرت انها تضررت من خطي السياسي الذي املاه عليّ ضميري الوطني ومسؤوليتي القيادية. وانني مقتنع بأن ذلك النهج تعبير عن طموحات وتطلعات الشعب اليمني من اجل تطوره وازدهاره واعتماده على ذاته. لذلك ومن وجهة النظر هذه فانني اشعر ان السيد بروتنس ومن على شاكلته هم على "حق" واتوقع ما هو اكثر من ذلك من اتهامات وتجريحات لأن التاريخ وان اختفى من على المسرح يظل مادة مشتعلة في النفوس والنصوص.

* رئيس اليمن الديموقراطية سابقاً، وأمين عام الحزب الاشتراكي اليمني السابق.

يتبع3

‏http://www.alhayat.com/article/1012345
[٠:٠١ ١٦‏/٣‏/٢٠١٩] محمدناشر: الرئيس علي ناصر محمديرد1

اما لماذا سلكوا هذا المسلك تجاهنا في عدن؟ وما الذي ولّد لديهم الارتياب تجاه قادتها؟ ولماذا قرروا العمل ضد الشرعية في اليمن الجنوبية؟ يمكن محاولة الاجابة عن ذلك باستقراء تطورات الاحداث التي سبقت تلك المرحلة.

اولاً: كان السوفيات منذ ان طردوا من مصر والصومال يعيشون ازمة حادة ويستشعرون جرحاً عميقاً ويخشون من تكرار العملية في اكثر من موقع في الشرق الاوسط، ويعيشون هاجس الطرد مرة اخرى من موقع آخر ويخشون ان يكون الموقع القادم هو "جنة عدن".

ثانياً: كانت عدن بما تتمتع به من موقع استراتيجي وثروات نفطية مخبأة مجالاً للاستقطاب بين المعسكرين، فموسكو تريد ان تحكم سيطرتها، والغرب يحاول ان يجد منفذاً يدخل منه ويجد لقدمه موطئاً فيه، اي ان صراع الدول الكبرى قد بدأ يحدد موقع اللعبة المقبلة.

ثالثاً: كان وضع السوفيات في الشرق الاوسط سيئاً، فهم يستبعدون تدريجياً من اللعبة، واصبحت معظم اوراق "اللعبة" اميركية. ووضعهم الداخلي الضعيف سمح بنمو مراكز قوة متعددة، ولم يعد القرار السياسي متناغماً وبموافقة كل القيادة السوفياتية كما اوضح بروتنس حول ما جرى في افغانستان، مما سمح بنمو بعض مراكز القوة العسكرية والاستخباراتية، وهو ما ادى الى تعدد المصالح واتخاذ قرارات بغير علم او دراسة من قبل الاطر القيادية.

رابعاً: كانت الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمت بين الاعوام 1980 - 1985 في اليمن الديموقراطية غير مرضية للـكي.جي.بي وبعض اطراف القيادة السوفياتية. فالتقارب والتنسيق مع صنعاء، وايقاف المساندة للجبهات المناهضة العاملة في اليمن الشمالي وظفار، وتطبيع العلاقات مع السعودية ودول الخليج، كل ذلك اعتبر توجهاً وطنياً وقومياً يغلب مصالح اليمن وشعبه ومصالح دول المنطقة على حساب العلاقات الثورية والاشتراكية… والانفتاح الاقتصادي اعتبر ارتماء في احضان الامبريالية وهكذا دواليك.

خامساً: اعتبر الاتفاق الثلاثي للتعاون الذي وقع بين عدن وليبيا واثيوبيا محاولة لخلق تكتل اقليمي سيتمرد مستقبلاً على الطاعة السوفياتية.

سادساً: وهو الاهم، اعتبر نجاح المؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي والمنعقد في تشرين الاول اكتوبر عام 1985 توطيداً وترسيخاً لمكانة قيادة الحزب والبلد واعترافاً بدور الامين العام للحزب والرئيس واصباغاً للشرعية على القرارات والاجراءات الانفتاحية التي اتخذت طوال الاعوام الخمسة الماضية، مما لم يرض بعض الاطراف السوفياتية وعلى رأسها كي.جي.بي.

في اعتقادي ان هذه هي اهم الاسباب التي ادت الى التفكير في تغيير القيادة في عدن من قبل كي.جي.بي وللزخم الكبير الذي كانت تحظى به القيادة في عدن بين اوساط الجماهير لم يكن بالامكان اجراء التغيير المنشود الا عبر هذا السيناريو المعقد من استعداء القيادة على بعضها وتوتير الاجواء وخلق توترات يومية عبر تفجير الاوضاع في العديد من القطاعات وصولاً الى المواجهة الشاملة التي ستؤدي الى تدمير شامل وحرب اهلية تقلب كل شيء.

وبدأ العمل بموجب تلك التوجيهات مستنفرين كل قواهم للعمل ضدنا.

وعلى سبيل المثال في نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر 1985 اتصل بي رئيس الاركان العقيد عبدالله علي عليوه طالباً اللقاء معي بمعية الملحق العسكري السوفياتي، وحضر اللقاء قائد القوات البحرية اليمنية العقيد احمد عبدالله الحسني. وابلغنا الملحق العسكري الذي كانت تربطه بالاثنين علاقات طيبة… بأن احد عملاء كي.جي.بي اليمنيين العاملين في وزارة الامن رفع تقريراً مفاده اننا ارسلنا قائد البحرية الى فرنسا بطريقة سرية لشراء اسلحة فرنسية بتمويل من دول الخليج، وان القيادة السوفياتية منزعجة من ذلك وتعتبره تغييراً في سياسة الحزب الاشتراكي، وان تنويع مصادر السلاح مقدمة لعدم الاعتماد على السوفيات في التسلح مما يذكرهم بما عمله الرئيس انور السادات في الخبراء والمستشارين السوفيات.

كان الخبر مختلقاً من اساسه وافهمته ان قائد البحرية الموجود امامه لم يغادر اليمن في هذه الفترة ولم يزر باريس اطلاقاً ومستشاروهم السوفيات موجودون في البحرية ولا شك في انهم سيلاحظون غيابه ان كان قد غادر عدن. وافهمته ان جهات عديدة يمنية وسوفياتية تحاول اختلاق اكاذيب عديدة لغرض لا افهمه… ولكن ذلك كان مؤشراً على ان سيناريو كي.جي.بي بدأ تنفيذه على ارض الواقع، وان ذلك كان يخدم محاولة اقناع جهات سوفياتية بسوء نوايانا المفترضة تجاههم. ومن جانب آخر، فانه يزيد الهوة بين اطراف القيادة اليمنية التي قد يعتقد بعضها بأننا نقوم باتصالات وترتيبات مع الغرب من دون علمهم. وكل ذلك كان يهدف الى اثارة البلبلة والشكوك واثارة الخلافات وتعقيدها.

يتبع2

‏http://www.alhayat.com/article/1012345
[٠:٠١ ١٦‏/٣‏/٢٠١٩] محمدناشر: الرئيس علي ناصر محمديرد3واخير

الترجمة الكاملة لنص وثيقة التوجيه الصادرة عن المخابرات السوفياتية

> استناداً الى المعلومات المستقاة منكم، وتلك التي تم الحصول عليها من مصادر اخرى، وكذلك بناء على التعليمات من مكتب الرفيق دائرة الرفيق بروتنس Brutents فإن المركز يتدبر أمر خطة لتعزيز موقع الاتحاد السوفياتي في بلد مقركم، وكذلك فإن المركز ينطلق من حقيقة انه من الضروري تجنب اخطاء عام 1982، مع الأخذ في الاعتبار النتائج الايجابية التي تحققت في تعزيز موقع موقف الاتحاد السوفياتي في شبه الجزيرة العربية، وتوسيع علاقتنا مع المشيخات والامارات العربية.

وبعبارة اخرى، فإن نشاطاتنا في المرحلة الحالية يجب الا تظهر بمظهر التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ذات السيادة في شبه الجزيرة العربية.

كان هذا هو السبب الذي طلبنا من اجله من الرفيق منغستو زيارة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، بهدف الحصول على مساعدته بالتوصل لاتفاق مناسب لكل الاطراف المعنية، وذلك لتجنب انشقاق نهائي في الحزب الاشتراكي اليمني خلال انعقاد المؤتمر الذي تم هذا العام.

وشكّلت هذه الزيارة فائدة قصوى وساعدت على تطبيع الوضع داخل الحزب، بالاضافة الى تحقيقها لحل وسط موقت تسوية موقتة بمساعدة الرفيق منغستو، فان الزيارة خلقت فرصة لعقد المؤتمر في جو هادئ.

وبالمعنى السياسي، فان مصاعبنا الرئيسية، وكما الحال سابقاً، تتعلق بشخص علي ناصر محمد، فانه ومؤيديه اليمنيين مستمرون بالنمو بشكل اقوى في البلد مما يُلحق الضرر بالعلاقات السوفياتية - اليمنية، التي تتميز بتعاون سياسي واقتصادي واسع، وبكمّ واسع من تبادل الطلاب على رغم حقيقة ان العلاقات تتطلب عقد اجتماعات منتظمة على اعلى المستويات لمناقشة امور ملموسة تتعلق بالتعاون الثنائي، فانه مستمر في تجنب هذه الاجتماعات. اظهرت الاحداث بأن "محمد" مقرّب جداً من صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية، الذي يؤيد جماعة هيثم ويدعم ويؤيد برنامجها ونشاطها الموجّه نحو تقويض وزعزعة ونسف الثورة الاشتراكية في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، وكونه مرتبطاً بعلاقات القرابة من جهة الأب والأم مع الهيثم، فقد حاول محمد عزل الناس المكرّسين انفسهم للاشتراكية من دوائر البلد الحكومية والاستعاضة عنهم بممثلين لقبيلة الدثيني التي ينتمي اليها الهيثم ايضاً.

وفي تسعيره المخزي للعودة بجمهورية اليمن الديموقراطية الى طريق الاقطاع، فقد عيّن محمد اشخاصاً مخلصين له في المراكز الحكومية الحساسة، وحاول الحصول على تأييد ودعم الدول الاقطاعية المجاورة والدول الغربية، وقد توقف عن مساعدة الجماعات الاشتراكية الشقيقة في عمان واليمن الشمالي.

وحتى انه خطط لاقامة علاقات مع الولايات المتحدة مما يُلحق الضرر بالجهود التي نبذلها لتحقيق التعاون. وعقد النية على رفض السماح لقواعد لنا، واتهم طرفنا السوفياتي بالتصميم المسبق على استجرار النفط الواعد في اراضي جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية لان تصبح مستقلة اقتصادياً عن الاتحاد السوفياتي.

ساند محمد ايضاً تعاظم جماعة السخط بين سكان جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، ازاء سياسة الاتحاد السوفياتي وحرّض في خطابات مناهضة على وجودنا في البلد، ونقد طريقة حياتنا.

درس س - بعناية - نشاطات الزمر المنشقة المختلفة واكد على وجود اتجاهات معادية لنا التي يحاول انصار "محمدتعزيزها لدى السكان في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، مدركين الحاجة الى استبدال محمد، فاننا نواجه صعوبة المرشح لمنصبه.

من الظاهر ان عبدالفتاح اسماعيل يمكن ان يصبح الخليفة المنطقي لـ"محمد" ولكنه مريض جداً وغير قادر على حكم بلد معقّد مثل جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية. والاكثر من ذلك، ابدى في الماضي اتجاهات موالية لليبيا، وهذا ما يمكنه- وبهذه الحال- ان يزيد من النزاعات بين الزمر المختلفة، ويخلق الصعوبات امام خططنا في اليمن الشمالي، وعُمان والكويت ودول اخرى.

وكونه من اليمن الشمالي فانه سيصبّ في مفهومنا الثابت في توحيد الشمال والجنوب.

أما علي عنتر فهو انتهازي متسرّع وانشقاقي معروف تماماً، وحاول بكل طريقة الحصول على تأييدنا. انه شخص لا يمكن الوثوق به، كذلك شريكه الحالي المقرّب منه "قاسم" فانه لا يستحق الا ثقة اقل، فمثله كمثل علي عنتر عضو في جماعة قبيلة الضالع، وهو انتهازي خبيث ويخفي افكاره الحقيقية وراء اخلاص ملفت للانظار، وهو ايضاً عميل ليبي.

"البيض" عضو آخر في هذه المجموعة الانتهازية، ولكنه اقل ظهوراً ولا يمكن اعتباره شخصاً مهماً. الاخوة باذيب تحت سيطرة "محمد" وسوف يهبّون الى جانبه، ويتظاهر الدالي بأنه قد انفصل عن "محمد" ولكنه لا يمكن الوثوق به بالاشارة الى روابطه السابقة مع مجموعته، ينتمي يحيى والقادر الى البعثيين الذين يؤيدون "محمد"، ويبدو انهم يتلقون دعماً مالياً من العراق، فالاثنان غير مناسبين. وينتمي حيدر ابو بكر العطاس والسييلي الى قبيلة الحضرمي، مواقفهم ومواقعهم ضعيفة، ولكن يمكن الوثوق بهم، وبإمكانهم ان يشكّلوا نواة تستطيع الابقاء على جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في خط تقدمي حتى ينادى بزعيم حقيقي. والذي لديه القناعات الماركسية هو … … وينتمي الى قبيلة … … وبإمكانه ان يصبح مثل هذا الزعيم القائد.

ان الخطة التي يتم تدبيرها من قبلنا تقضي بإثارة "محمد" ضد "علي عنتر وقاسم ومؤيديهم اليساريين"، واذا ما حدث هذا، فاننا نتوقع ضربة مضادة لـ"محمد" وسوف نكون مستعدين للتدخل السريع، وسوف نقدم الدعم العسكري والنفسي لتهدئة الوضع وخلق الظروف لعودة البلد للحزب الاشتراكي وثورة اليمن الاشتراكية.

ويظهر تحليل الوضع السياسي في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية ان الحاجة نضجت للعمل على ذلك قبل ان تحاول الدول الغربية الاستفادة من الوضع في اليمن الجنوبي لمصلحتها.

اخذ المركز ايضاً في الاعتبار - وعند تطوير الخطة - ردة الفعل الممكنة لحلفاء جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية والدول المجاورة الناتجة من ازاحة "محمد" اننا نفهم ان ليبيا سوف تعرب عن السخط والامتعاض على عملنا، وفي هذه الحالة نستطيع وبسهولة اقناع الليبيين بأن "محمد كان ينوي اعادة تكييف نفسه باتجاه الولايات المتحدة الاميركية وشرح الخطر الذي يمكن ان يمثله هذا على ليبيا، وعلى الدول الاخرى المحبة للسلام". سوف يجهز المركز ايضاً البيانات الضرورية لاقناع الجمهورية اليمنية، والمملكة العربية السعودية، وعمان ودول اخرى في المنطقة، بان النظام السياسي الجديد، وبعد ان نتخلص من "محمد" الانتهازي، سوف يكون ضماناً موثوقاً للسلام في منطقة الخليج الفارسي.

ولمعلوماتكم الشخصية، فإننا نعلمكم بأننا نخطط لتنفيذ مشابه في اثيوبيا، وهي مشارك في الاتفاق الثلاثي، وتقضي هذه العملية باستبدال منغستو، الذي بدأ بإظهار اساليب يمينية، بالرفيق ليجس اسفو، وهو مؤيد حقيقي للاشتراكية، واضعين في الحسبان ما ذكر اعلاه، وكذلك المهمة التي استلمتها سابقاً، نطلب منكم البدء بالعمل على وضع خطة مفصلة واتخاذ الخطوات لارسال مقترحاتكم الى المركز وبوقت مناسب وخلال عملكم، ويمكنكم تنسيق خطواتكم مع السفير السوفياتي الذي سوف يتلقى التعليمات المناسبة من الـ"MFA" أليشن.

* عن مجلة "الاكسبرس" الكينية، الجزء الثالث، العدد الاول 1986 ص 28، والنص مُترجم عن الروسية. وصدر في 18 تشرين الثاني نوفمبر 1986 .
.

هوامش< علي عنتر
- نائب رئيس هيئة الرئاسة عام 1986
- وزير دفاع آنذاك

< صالح مصلح قاسم
- وزير الدفاع عام 1986 ووزير داخلية سابق

< محمد علي هيثم
- ليست له أي قرابة مع علي ناصر محمد
- وزير داخلية سابق
- ثم رئيس للوزراء 1969- 1971

< حيدر أبو بكر العطاس
- وزير الانشاءات السابق

- ثم رئيس وزراء قبل 1986

- ثم أصبح رئيساً للدولة بعد 1986

< صالح منصّر السيلي
- وزير أمن سابق، ومدير دائرة الدفاع والأمن في الحزب ثم وزير داخلية بعد أحداث 1986

< أنيس حسن يحيى
- أمين عام حزب الطليعة البعث سابقاً، ثم نائب رئيس وزراء وزير الثروة السمكية

< عبدالغني عبدالقادر
- عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي علاقات خارجية ابعد بعد حوادث 1986

< عبدالعزيز الدالي
- وزير الخارجية السابق حتى حوادث 1986

جميع حقوق الطبع محفوظة لموقع الحياة 2019

‏http://www.alhayat.com/article/1012345

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق