الأحد، 14 أغسطس 2022

الكثيب/سالم دوشن

( شخبطات دوشنية)


 ★★ الكثيب..‼️ رحلة التعب اللذيـــذ‼️
'''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''

✒ م/ سالم صالح هادي
       ( دوشن)*

..قرص الشمس الذهبي خرج من جرابه في الأفق الشرقي ناشره أشعتها الصباحه لتدفئ القلوب قبل الأجساد بعد ليلة متوسطة البرودة.. 
بقايا قطرات ندى تدلّت وتعلقّت بأوراق الأشجار والشجيرات، تصارع للبقاء.قبيل تبخّرها أو سقوطها .

خرجت ُمبكراّ هذا الصباح في تلبية  بعد أن تلقيت دعوة من الزملاء و الأدباء والمثقفين والمهتمين في ( منتدى البندر الثقافي الفنّي)   للقيام بزيارة تعارفية ، إستطلاعية لبعض الأماكن التاريخيه والأثريه في محافظة أبين.. وقد أخذ(  البندر) على عاتقه إعادة الإكتشاف والإهتمام بتلك الموروثات وكشف المزيد من خباياها وأسرارها.. 
وكان ( الكثيب) وجهتنا.. 

★ الكثيب. تل رملي ينافس جبل ( صرر) في العلو والإرتفاع وقد أستلقت عند قدميه منطقتي   عبر عثمان والدرجاج  .
 
تشكّل ( الكثيب ) وتكوّن بفعل التيار الهوائي القادم من الإتجاه الجنوبي الشرقي لبحر العرب.
ذكرت كثير من المراجع  التاريخيه والمؤرخين هذا ..الكثيب.  وقد كانت تقام فيه وعلى سفوح هذا التل  الزيارات السنويه للمو اطنين  ويتم التخييم عليه لمدة لا تزيد عن ثلاثة أيام فقط من كل عام.

 @ تنتظم قافلة الرحله المكوّنه من ثلاث سيارات في مفرق الطريق زنحبار / جعار/ الدرجاج ..
        و
ننطلق ! ميمّمين وجهتنا صوب هدفنا.. 
قمة جبل صرر.. أشرفت علينا من بعد.. وكأنها تقول لنا عجّلوا المسير. إن ما تبحثوا عنه يقع خلفي .
نقطع الطريق بسرعه نجتاز .. منطقة عبر عثمان القابعه في يميننا.  ثم تنحرف بوصلتنا في الإتجاه الشمال الشرقي  لنصل منطقة (  الدرجاج). ثم ننحرف بقافلتنا نحو الشرق من جديد نجتاز بشكل عرضي وادي حسّان الشهير  والذي تقع الدرجاج على ضفته الغربيه .
نرنو ببصرنا بعيدا نحو الشرق حيث بغُْيتنا .. منطقة او مساحة من الأرض الرمليه.. أطلق عليها مسمى (الرّملـه) وطريق الجمال. 

يلفت نظري بساط غطاء نباتي أخضر  تشكل على بعض أجزاء الرّمله بفعل تناثر الشجيرات العشبيه لنبات ( العلقاء) و( الشرشر) فأضفت بأخضرارها وإصفرار لون زهيراتها الصغيره شعورا لذيذا ومنظرا ً جميلا ً . 

بقرات ثلاث رابضات
  في مهجعن الرملي الذي أحاطت به شجرة الأراك وجعل منه حظيرة لهن[ زريبة]، ذعرت
لرؤيتنا وأخافها صوت محركات سيارات قافة رحلتنا
وهنا تنتهي الطريق السالكه للسيار ات الأنيقه بإناقة  سائقيها.. 
 نترجّل من عليها ويأتي المسير على الأقدام بديلا ً لبلوغ والوصول الى الكثيب . 

من بعيد يطل علينا من بين ثنايا تلك الصحراء والرمله وجه الشاب الشاعر  ..( بن محول المرقشي)  فهو إبن بيئته وصقل فيها موهبته الشعريه الفطريه  علما ً ومعرفه ( بكلاريوس لغه عربيه) وبما إن سكنه ومقامه يقع في حضن الجبل،
فقدكان دليلنا  ومرشدنا   للوصول الى  قمة الكثيب  الرملي..

يمتطي الزميل/ محمد الحيدري سطح جاري جمل .بعير مع مؤونتنا  من الطعام والشراب  والماء وكان فرح كطفل يقود بعير لأول مره في حياته ،
بقية أفراد فريق الرّحلة ....( دقّها كعّابي  ويارجل شلّي حذاتش)
 المسافة الفاصلة بيننا والهدف المرجو حوالي واحد كيلو  ونصف كيلومتر "1500 متر"

يااااااااه.. !!? في هذا الطريق الر ّملي!!! 
يضحك دليلنا الشاعر ويقول: 
يابوووووكم .. وييش هبيه  ?رعوها
 قريييب! 

يتلفّت أفراد  الفريق في وجوه بعض.  فتقرّر الفئة الشابة السير على الأقدام مباشرة في تلك الرّمله.. (نيس. وهوووه نيسس.  من صدق  مش كذب.)، ويتقدمهم الشاب السندباد التاريخي العزيز/ جمال سنان. و الجنتل بوي!  صاحب الإهتمام الأثري والتاريخي في هذه الرحلة . وكذا الأكاديمي الشاب الذي يحضّر لرسالته العليا في التاريخ الشاب/ أديب علوي احمد. 
والشاب رجل المهمات الصعبة / ماجد دحّه.
والصحفي والمراسل التلفزيوني/ لطفي سهل ولا أنسى الشاب الرائع// ابن معووضه الحيدري. 
 
فما كان مني في هذا الموقف إلا أن أثبت لهؤلاء الفتيان  الشباب،أنني 
( أدّها وأدود )
من أول وهلة حرّكنا فيها الأقدام غاصت الأرجل في الرمل.  وتباعدت المسافات بيننا وبقية الشباب.،
  ولم يؤانسني في وحدتي وهذاالمسير سوى. الطيب شاعرنا المبجل الأستاذ/ سالم عيدروس العوسجي. 
  شاعر النيل والفرات والذي حظي بجائزة المركز الاول وبها نال الجائزه والتكريم في القاهرة مصر. 

تقلّصت المسافة   ونقترب من المدخل الرئيسي للطريق إلى الكثيب  ونواصل سيرنا !!. 
التــّل الرملي يبهرني بكثافته وعلوّه100- 200 متر إرتفاع تقريبا ً 
نتوسط الطريق التي تفصل الكثيب عن الجبل حوالي 10 متر. ثم تبدأ الطريق تضيق  شيئاً فشيئا ًكلما أوغلنا سيرنا إلى الأمام.  
أشجار السمّر العربي.. والبشام.  والشِّحر.. غرست وتشبّثت جذورها عميقا في صخور وشقوق الجبل في توّحّد مكاني كمن يقول: . يا أنا يا أنت. !!
جلاميد صخريه أخرى تبعثرت في طريقنا وأجتزناها وقد تماست مع رمل الكثيب. 
نقترب من المكان الأثري هدف زيارتنا ..تراءى لي الشباب الذي سبقونا وأعتلوا المكان كنقاط بعيدة ..
دليلنا ومرشدنا الشاعر .(بن  محول ..) 
ينادي علينا ويؤشر من أعلى نقطة في الكثيب مع الفريق الآخر الذي أصطحبه مع جاري الجمل ،هم الآخرون بدو لنا من الأسفل كنقاط متناهيه في الصغر.  

فجأة!!  وينزل دليلنا من  أعلى الكثيب هرولة ً  أنخلع لها قلبي خوفا ً من سقوطه وأصابته وكان
يشق طريقه في خط سير نزول  مائل ،كان نزوله في رشاقة غزال برّي.. ما شاء الله  ألم اقل لكم أنه إبن بيئته..!! .

نقترب الثلاثه معاً ..
أخذ التعب مني كل مأخذ ، وبدأت عوارض شد عضلي في عضلات الأفخاذ والقدم. 

دقّات قلبي وأنفاسي حارة متسارعة هي الأخرى. 
أطلب التوقف عن السير لبرهة من الزمن لإستعادة قوّتي وأنفاسي.. 
يخاطبوني بمزاح :-
 .باقي القليل!!  أصبر ياعم سالم !

وبدأنا تسلُّق الحيد وصولا ً إلى ممن سبقونا وملاقاتهم هناك. 
في الأثناء تنزلق قدمي من سطح صخره ملساء كدت أسقط  في جرف لولا  تدخُّل مرشدنا في اللحظة المناسبة .
 
ويضحك الشباب لهذا الموقف.
 
أخيرا ً وصلت..! آاااااااااه !

وأخذنا قسطا ً من الراحة، ونتكئ بظهورنا على ( حجر الزنوان ) !!! ثم نتناول فطورنا من الخبز والشاي و سمك( العيده).

نتفقد القبور  الأثريه. والصخرة التي طبعت ونحتت عليهاحوافر خيل وآثار أقدام  وغرزة رمح..  وهي من الآثار القديمه كانت تستهدفها زيارات المكان قديما  وأستمرّت حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي وتجرى هناك الكثير من تلك الطقوس المصاحب لتلك الزيارة . 
وكان ..حجر الزنوان. ..إحداها .

جلمود صخري كبير يمر أسفله تجويف يتسع  مدخله قليلا ثم  يضيق عند فتحة الخروج. . 
ويقال ..وهي من الاعتقادات والخرافات البائدة أنه من أمكن له دخولها وخروجها فهو إبن حلال لا غبار عليه. 
ومن لم يتمكن فهو زنو(  ابن حرام) ولا يخرج من تلك الفجوة إلا بتعشيرة بندق.. أي تطلق رصاصه في الهواء. 

★للمرح والتسلية وأنا متكئ  بجانب تلك الصخرة طـُُلِبَ من أحد الشباب خوض هذا  الإختبار والتجربة  فتردّد قليلا ً خوفا ٍمن وجود ثعابين أو عقارب وحشرات سامّة. لكنه سرعان ماشمّر و دخل  من فتحة (حجر الزّنوان !!! ) وّخرج..  فهتف الحاضررون
وصفقوا له قائلين :- أييييه!   أيييه.  مبروك .!!!.إبن حلااااااال.. ( You are purty)''' ثم
يضحك الجميع لهذا التعليق ! 

أحدهم يلتفت نحوي ويقول لي: 
 - جرّب. ..! هذا يا مهندس سالم. ؟
كيف؟ !!!  كيف؟ ورديت عليه ضاحكا: 
 لقدبلغت من العمر 57 عام وأنا أعرف أن أبوي  اسمه ( صالح) واسم أمي(  سهاله)..وجيت!! 
تطلب مني الآن  أضيّع كل هذا في حجر الزنوان..!! هههههه!! 
 لا ! لا ! خلّوني مستور كذا أحسن.. لا تكشّفوا علينا !! ، 

فيضج المكان بالضحك فتردّد صداه جنبات جبل صرر.. وتخفّف من وطأتها رمال الكثيب الأبيض الموغلان في الأثر و التاريخ. 

… ..الساعة شارفت على الثانية عشرة ظهرا ً

ونستعد للرجوع في رحلة عكسية للمكان تتطلّب تشحيم وتزييت الرّكب.. والمفاصل  وقد كان!! 

   تمت في
5 نوفمبر 2018 م
الأربعاء. 

 م/سالم وشن

أبين / الكود
*واتس+ إتصال 735138418

*اتصال فقط 777197751

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق