الأربعاء، 26 فبراير 2025

حكاية تلميذ/دوشن

( شخبطات دوشنيه)

 ★حكايــــة  التلميذ •• بائع ( المجلجل )**
……………………………… ...

هامش:** المجلجل هو كريات بذور السمسم المحلاه بالسكر وتباع في الأسواق كغيرها من الحلويات مثل(  السمسميه).

✍🏼م/ سالم صالح ( دوشن) 

 في شتاء 1975م، أفاقت القريه صباحاً على أصوات تكسير عيدان الحطب بأيدي النساء والأمهات لإشعال تنور الخبز(  الموفا) وتجهيز وإعداد وجبة الفطور الصباحيه.( القراع) للرجال المغادرين لأعمالهم ،والتلاميذ الصغار الذاهبون إلى مدارسهم. 
تحتشد  عيدان  الحطب في جوف التنور عِنْوَة. ، تشتعل العيدان وتتصاعد  أعمدة دخان نيرانها في عنان السماء كمدخنة باخرة عملاقة تمخرُ عباب البحر القريب من القريه جنوباً .. ً..

نخترق الطريق الزّراعي مشيا ً على الأقدام صوب المدرسة ، فتلامس أبداننا  رذاذ  قطرات ندى الصّباح  كبلّورات فضِّيّه  تعلّقت على سطوح أوراق و أغصان  نبات القطن وكيزان الذرة الشاميه.."" الهند " فتسري فينا قشعريره محببة لذيذة. 
على جهة اليمين من القناة المائية الترابية (العتم) أنتصبت زهرات صفراء على سيقان نبات" عبّاد الشمس" تلوح ببتلّاتها نحو شمس الشروق في موعد مع نحلات زائرات ترتشف رحيقها!  ..أفترشت أحواض الأرض الزراعية..الجربة .. المجاورة للقناة بسجادة  مخمليّه خضراء  من شجيرات  مدّادة لمحصول الشمام والحبحب "البطيخ".

التلميذ… بائع المجلجل ، يحتضن أشياؤه ، .يده اليسرى تحمل الكراريس والأقلام، ويدة اليمنى تحتضن قصعة معدنية فارغة من(  لبن بودر ماركة نيدو نستله ) بشعار الحمامة البيضاء حاملة غصن زيتون أخضر بمنقارها، تراصت  حبيبات  "المجلجل" فوق بعضها البعض    .. . يحث  التلميذخطاه مسرعا ً على الطريق للوصول قبيل الطابور الصباحي ليتسنى له بيع ما تيسر منها !!. 
 في   موعد الحصة السادسة والأخيرة  من الدوام المدرسي،
 يدخل المُعُلِّم الأستاذ ويخط بالطبشور على 
السبورة  التالي  :

التاريخ... / .... / 1975م
المادة:  جغرافيا
الدرس:  حدود الوطن العربي .
 ويبدأ الدرس !!،… ...... عين بائع المجلجل لاتنفك تلقي نظرة من فينة لأخرى إلي قصعته المعدنية التي أحتلّت زاوية جدار الصف إنتظاراً لرنّة جرس إنتهاء الحصة لبيع (المجلجل ) على التلاميذ  من الصفوف الأخرى  وهو وقت الذروة للبيع ! ،
في خضم  نظراته المتنقله بين قصعتة والمعلّم يتوقفّ المعلمّ في منتصف  شرح الدرس وفجأة يسأل تلاميذ الصف: 
--- هااه!  من منكم يا شطّار ! سيحدد حدود الوطن..  العراق ..؟
كان ذلك في درس الأسبوع  المنصرم.. يتفاجأ الجميع ، كابوس يداهمهم ويلجمهم السؤال ولم يحروا جواباً !! 
ما عدى [ بائع المجلجل] الذي ظل يشير بأصبعه للمعلم الأستاذ مبديا ً أستعداداه للإجابه  فيؤجله الأستاذ، وينصب إهتمامة على بقية(  المبهوتين) فاغري فاه!!  من السؤال، ويبدأ بهم واحدا واحدا. فلم يعثر على الإجابه الصحيحه منهم ويأمرهم بالوقوف عقابا لهم ثم يلتفت نحو  
   التلميذ البائع ويعطيه الإذن بالأجابه. 
يَُْسَرْ المعلم بإجابته السليمه ويهنئه ويثني عليه أمام بقية تلاميذ الصف، 
فيطلب منه المعلم جلب  عصي( مساوق)!!
 بسرعة من أشجار الأثل في الوادي القريب من المدرسه، وتبدأ العقوبه للمبهوتين!!  بالضرب على الأيدي والمؤخرة. 
كان هذا المشهد يجري أمام عيني بائع المجلجل فرحا ً باسما لما يحدث لبقية زملاءه  ًمما أثار حفيظتهم وحقدهم عليه ! !!!

يرن جرس أنتهاء الحصة الأخيرة  .
ويتنفس التلاميذ الصعداء ويغادروا الصّف..
أول الخارجين من الصف كان بائع المجلجل.محتضنا قصعته وبدأ يصيح في فناء المدرسة: 

..(مجلجل.. مجلجل!! 
 حالي..!!
الحبتين ب( عانه)!!)
يلتم ويتحلّق حواليه التلاميذ في تهافت وسرعة
لشراء  المجلجل وهم في صخب وهياج للسبق في تناول حبات المجلجل اللذيذة.! 

لكن فجأة !  وفي لحظة لم تكن في حسبان  التلميذ البائع ، تحضر مجموعه  من تلاميذ صفّه صائحين في المتحلقين لشراء المجلجل وفي غضب وحنق يقولون لهم :
  --- (لا. لا .لا تشتروا مجلجله !! أووووبهوا! شعوووكم
با تتسمموا!  باتموتوا!! . وربي موت.. موت!  )

يتوقف التلاميذ عن الشراء متسائلين :
-- (ليه?  ليه ?. أيش في؟ )
فتأتيهم الإجابه زورا ً وبهتانا  وجحودا وفجورا ًً:
 -- لقينا في قصعته المجلجل ( لزغة) ميته😂‼(تذمي)*🤣🙈😂🤣.. أي :رائحة كريهة! 
 
فيتأففوا ويعزفوا عن شراء حبيبات مجلجلاته بسبب مكيدة كادوها له زملاءه في الصف إنتقاما ً منه لإجابته وإحضارة تلك العصي( المساوق) الخضراء الرطبه التي ألهبت أيديهم  وأحمرّت لها مؤخراتهم .
 وراحت شلّة تلاميذ المدرسة تهتف  وراء  التلميذ ..بائع المجلجل كجوقة موسيقية ولا فرقة إنشاد أحمد بن غوذل  :

(… . مجلجل فيها لزقة
من قتلها ربي رزقه! 
مجلجل فيها لزقه
من قتلها ربي رزقه!!!)
 يصيح فيهم بأعلى صوته: 
--- والله كذاّبين!  كذّابين..!   لا تصدقوهم! 

لكن صوته يضيع في زحمة أصوات الزّفّه الطفولية من حوله.. فتخنقه غصة العبرات ويأتي صوته شاحباّ خافتاً ً:
-- (ربّي  يشلّكم و  ينتقم 
منكم.. يا عيال الجن! يا كذّابين !!!!
إهه ! إهه باكيا ولم يرحم بكاءه أحد😭..
وهكذا عاد التلميذ إلى بيت أهله خالي الوفاض ولم يبيع مجلجله لا بعانه ولا عنتين!   
 وفوق ذلك لم يسلم من عقاب أمّه  في البيت حيث ظنّت أنه  ذهب يلهو ولم يقم بالبيع. ولم تدر أُ ُمــــّـــه المسكينة أن وراء ذلك مكيدة ..و… لزقة .. وعصي" مساوق" ألهبت وأحمرّت لها مؤخرات المبهوتين من السؤال في الصّف!!!!
🤣🤣🤣🤚🏻
في اليوم التالي علم تلاميذ صفّه بما حصل له في البيت فزادوا من شماتتهم له. قائلين: 

...{ خلّي العراق وحدودها.. تنفعك يا شاطر }
وأنقلبوا إلى صفّهِم فكهين.. 😂😅🤣😅

آاااه. والله زمااااان.  يا زمن الطفولة. 

      تمت الحكاية

أبين ..الكود
    في
8 فبراير 2019م
الجمعة. 

اللزقه* * السحليه التي توجد في شقوق الجدران او سقوف البيوت..

عانه* *  عمله نقديه تداوالت في الستينات والسبعينا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق